يكتبها الشاعر الكبير أشرف البولاقي
(٢)
ستصبح أديبًا ومثقفًا كبيرًا بسهولةٍ ويُسر، هناك الطريقة التقليدية الكلاسيكية القديمة التي أكل الدهر عليها وشرب، وهي طريقة سلّمها طويل، وتستنزف وقتَك وجهدك، وليست مضمونة أن تحقق حلمَك، بل ربما يغلب عليها ألا تحقق لك إلا مزيدًا من التجاهل والتهميش والإقصاء.. وهي طريقة أن تجيد أولا القراءة والكتابة بشكلٍ صحيح، ثم تنفِق وقتًا طويلا في القراءة الجادة والعنيفة، وتتعلم الإنصات، والتواصل مع مَن سبقوك. هي طريقة تفرض عليك التواضعَ دائمًا، وتلزمك بتأمل كل شيء حولك.
ومشكلة هذه الطريقة أنها تفرض عليك التزاماتٍ قاسيةً جدًا، منها مثلا أن تكون غني النفس، وأن تكون شريفًا ومحترمًا، وأن تبتعد عن السُّلْطة بكل أنواعها، وأن ترفع يدَك عن كل طعامٍ وقع عليه ذباب، حتى لو كنتَ تشتهي هذا الطعام!
كما أنها تفرض عليك أن يكون لك إنتاج مكتوب أو مطبوع – شوف يا آخي العك بتاعها! - وأنت لا طاقة لك بكل هذا!
وفي النهاية – رغم كل ذلك – من الوارد ألا تحقق لك هذه الطريقةُ الشهرةَ التي تطمح إليها إلا بالصدفة، في حالة حدوث حدث استثنائي في حياتك، وهي مرتبطة بالإعلام والميديا والحظ، وباقترابك من دوائرَ معيّنة، وفي الغالب لن تحقق لك شيئًا!
وما لك تتعِب نفسك بالقراءة والتأمل والجهد، واحترام نفسك، وهناك أكثر من مائة طريقة أخرى أسهل؟
وأول هذه الطرق وأسهلها الآن، أن تكون متاحًا على شبكة الإنترنت، بمعنى أن يكون لك صفحة على كل موقع من مواقع التواصل الاجتماعي، لكن من المهم جدًا أن يسبق اسمَك لقبُ الشاعر أو الأديب أو المثقف، إياك أن تكتفي باسمِك فقط، فهذا خطأ كبير، ويكفي أنه عندما يردّ أحدٌ ما على تعليقك، أنْ يظهر لقبك واسمك في الرد على، وهو اعتراف مِن الموقع ومِن صاحب الرد أنك كما يَظهر لقبك. وحبذا لو اخترت لقبًا مركبًا "الأديب الشاعر المفكر فلان الفلاني" مثلا، أو "الناقد الروائي فلان الفلاني" مثلا... إذا اتصلتَ تليفونيًا بأحد، وردّ عليك بعض أهلِه يسألونك مثلا "نقولّه مين حضرتك؟" لازم تستخدم لقبك، "قولوله الشاعر فلان"، أو الروائي علّان"، أو "الناقد فلتكان"، لمّا تلتقي أحدًا لأول مرة ويعرّف كل منكما نفسه للآخر، سلّم أنت واذكر اسمَك ولقبك، " فلان الفلاني.. شاعر" .. وهكذا.
بمرور الوقت سيصبح اللقب جزءًا من ذاتك وكينوتك، وسيعرف الناس جميعًا انتماءك الأدبي أو الثقافي. وكن مطمئنًا تمامًا فلن يجرؤ أحد أن يسألك عن طبيعة اللقب.
لا تستهِن بالأمر، فالتكريس للقبك الذي ستختاره، والضغط عليه وفرضه فرضًا، سيدفع الناسَ إلى احترامِه ومناداتك به دائمًا وأبدًا، ويكفيك أن كثيرين سيعتبرونه لقبًا محببًا إليك، ومن ثم سينادونك بأحِب الأسماء إليك.
أعيذك أن تتصور أن الأمر هيّن أو لا قيمة له، وأربأ بك أن تظن نصيحتي هباء، فيومّا ما ستحصل على عضوية اتحاد كتًاب مصر، وهنا يأتي الإنجاز الكبير، يأتي اعتراف الدولة بلقبك هذا، وسيُكتب لقبك في بطاقتك وفي كل أوراقك الرسمية، المهنة شاعر، المهنة قاص وروائي، المهنة ناقد ومفكر ... قديمًا كان هذا ممنوعًا أو مستحيلا، لكن الآن بفضل اتحاد الكتّاب الذي سيعتمد اللقب الذي ستختاره أنت، يمكنك بسهولة أن تتوجه لمصلحة الأحوال المدنية لتغيير مسمى مهنتك ووظيفتك ... هل يمكن بعد ذلك أن يطعن أحدٌ في موهبتك؟
لا أظن ...
لكن هذه ليست إلا الخطوةَ الأولى، ما تزال هناك خطوات وطُرق أخرى، سأبدأ في تفصيلها لك، ولا تتعجل، واصبر فإنك بأعيننا.
يكتبها /
الشاعر أشرف البولاقي
أقرأ أيضاُ :