كيف تصبح أديباً أو مثقفًا كبيرًا (6)
يواصل الكاتب والشاعر أشرف البولاقي كتاباته في سلسلة حلقات حول كيف تصبح أديباً أو مثقفًا كبيرًا
ٱليكم الحلقة رقم 6
لتكون أديبًا ومثقفًا كبيرًا، عليك أن تبدأ عصاميًا، ولا تيأس إذا كنتَ من ساكني الأقاليم، بالعكس دي بايضالك في القفص يا فنّان!
فالمبدع أو الأديب أو المثقف الكبير في القاهرة، لن يدانيك منزلةً ولا مكانة، فهناك زحام وصخب شديدان في القاهرة، لكن المبدع أو المثقف الإقليمي ده حاجة نادرة، ويشار له بالبنان، وليس أي بنان، ببنان معيّن ستعرفه عندما تصبح كذلك!
ومِن ثَم فعليك أن تبحث عن نادي الأدب في بيت أو قصر الثقافة القريب من إقامتك، واحرص على الحضور أسبوعيًا، أريدك أن تتحمل لمدة عامٍ واحد فقط، أعرِف أنها مهمة ثقيلة على النفس، لكن معلهش .. كله يهون.
ولا تلتفت لمسألة العضوية العاملة والمنتسِبة، فدا كله كلام فارغ، التفِت فقط للحضور، والكلام، لازم تتكلم، ولازم تقول رأيك من غير خوف ولا قلق، خلّيك شجاع وعلّي صوتك كمان، وبمرور الوقت لو سنحت الفرصة لازم تدير الندوة، لمّا يغيب الأعضاء أو مجلس الإدارة، لازم تعمل كده. وبمرور الوقت هتبقى أديب بقوة حضورك، بفرض اسمك على الحاضرين، مش مهم خالص لا إبداعك، ولا لغتك، ولا قراءاتك. وصدّقني خلال العام اللي حضرتك هتحضر فيه هتاخد يا سيدي العضوية، وممكن جدًا تبقى عضو في مجلس الإدارة كمان.
وأريدك أن تنتبه جيدًا أن أحدًا لا يستمع، وأن أحدًا لا يراجع أحدًا، لو عندك مشكلة حاسس بها في نصوصك، النصوص كتير قوي، في الكتب وعلى الإنترنت، المطلوب منك بس تكون مكّار حبتين، يعني تاخد النص وتلعب فيه بذكاء، وأسهل حاجة فـ ده لو كنت شاعر قصيدة النثر، يوووووه عندك قصائد مترجمة بالكوم، محدّش هياخد باله من أي حاجة، واللهِ حتى لو متعرفش تنطق لغة عربية، برضك مش مهم ... المهم الكلام يكون غامض، والمعاني داخله في بعض، وممكن جدًا تجيب سيرة الأنبياء والإله، والأعضاء التناسلية والمرأة التي راودتك عن نفسها، والعضو الذي انتصب في فراغ السرمدية.
ولو كنت بتكتب قصة ما تخافش خالص، دي موضوعها سهل، المهم بس أن تكون مكتوبة بالعربية على قدر ما تستطيع، وكل ما ابتعدتَ عن القصة بمعناها التقليدي، الحدوتة يعني، كل ما كان أحسن، اكتب سطور جنب بعض .. مثال:
"الفضاء الذي كان أبيض، والعربة التي دهستها الخيول، كيف انطلقت بنا في فراغ القلب الذي لا يعرف حاراتنا؟ عندما نظرت البنت إلى فستانها بكت، هنا كان صوت فيروز يزعق ..
(نهار خارجي)
نظرت من النافذة، كان الليل يؤكد انتحاري الذي لم أفكر فيه بعد"
وقِس على هذا، وسوف تندهش كثيرًا من الآفاق التي سيحاول الحاضرون التحليقَ خلالها بنصك هذا، وكما أن شبكة الإنترنت جاهزة في الشعر، صدّقني لن تخذلك في السرد ... المهم ذكاؤك الذي أراهن عليه في التقاط النص وتغيير بعض الجُمَل والعبارات.
موضوع أندية الأدب ده مهم جدًا على فكرة، صحيح لما هتبقى نجم هتكتشف إنه كلام فاضي، لكنه في البدايات هو الانطلاقة الكبيرة، هو اللي هيخليك تشوف وزير أو وزيرة الثقافة في مؤتمر أدباء مصر، ومش بعيد تاخد لك صورة يا عم القمر معاها، فضلا عن إنك هتبقى "عضو نادي الأدب"، شوف الفخامة .. عضو .. يعني حاجة كده زي .. واللهِ مش لاقيلها تشبيه، هي تتحس بس انطقها كده معاي ... أيوه "عضو نادي الأدب"! الله عليك ... كده تمام. وشوف بقا لما تتكتب في سيرتك الذاتية، ابقى ادعيلي.
لسّه ما خلصّناش، هتمر الأيام وهتبقى عضو الأمانة العامة لمؤتمر أدباء مصر، واخد بالك؟ أدباء مصر ... وانت مِن أبناء الأقاليم، يعني راسك براس أي واحد من بتوع القاهرة.
ولا أريد أن أخبرك بما يترتب على عضوية أمانة مؤتمر أدباء مصر؛ حتى لا تظن أنني أسرح بك، يكفي هذا الآن لننظر في خطوةٍ أخرى بعد غد.
الكاتب / أشرف البولاقي
إقرأ أيضاً :