
كيف تصبح أديباً أو مثقفًا كبيراً (7)
لا تقلق، ستصبح أديبًا ومثقفًا كبيرًا، بإذن الله تعالى عز وجل، والخطوات التي أكتبها لك ليست بترتيب اتخاذها، ولكنها بإخلاص أدائها، فيمكن لخطوةٍ واحدة أن تحقق لك حُلمَك، ويمكن لخطوتين، ويمكن لأكثر ... الموضوع مرتبط بالإخلاص وبالظروف والسياقات، وأنا أعرف أنك مخلص، وأثق أن الظروف والسياقات لا تمنح نفسَها إلا للمخلصين.
لكنني أريد أن أذكّرك أننا متفقان هنا على أننا لا نتحدث عن كيف تكون شاعرًا فقط، لكننا نتحدث عن كيف تكون مبدعًا، وعن كيف تكون مثقفًا كبيرًا.
حَسنًا، لا شك أنك تعرف أن المرشح للمجالس النيابية في بلادنا، يحمل لقب (نائب) حتى لو لم ينجح في الانتخابات، وكذلك المرشح للمجالس القروية أو المدنية، ينال لقب نائب طيلةَ حياتِه، ليس هذا فقط، بل المرشح لمنصب العمدة في قريتِه ينال لقب عمدة ما عاش!
أنت الآن بحاجةٍ شديدة لأن تحصل على لقب (دكتور) لا تقلق، لن أطالبك بالالتحاق بدراسات عليا، ولا باستذكار، ولا ببحث علمي، فكل هذا مَضيعةٌ للوقت والجهد والمال (والمآل أيضًا)
كل المطلوب منك أن تذيع بين الناس أنك قدّمت أوراقك للحصول على درجة الماجستير، فقط لا أكثر ولا أقل، لكن المهم أن تتحدث عن هذا كثيرًا، وأن تكتب على صفحتك بين وقتٍ وآخر شاكيًا معاناتك مع الجامعة، أو مع أساتذتك، تحدّثْ عن ذلك في جلساتك مع أصدقائك، خاصةً في نادي الأدب، أو في أي احتفالية أدبية وثقافية، ولو أتيحت لك أي فرصةٍ لإلقاء أي كلمة في محفل، عليك بمناسبة أو بغير مناسبة، أن تقحِم موضوع رسالتك للماجستير في كلمتك، أنت تحتاج إلى أن يَعلم قطاعٌ عريض وكبير مِن محيطك أنك قاب قوسين أو أدنى من الحصول على اللقب، لقب دكتور طبعًا؛ فالماجستير عندنا معناه "يا دكتور" على طول وانت مرتاح! ولازم تختار لك موضوع للرسالة وتحفظه عن ظهر قلب، كما تحفظ اسمك، وتردده بينك وبين نفسك، لأنك معرّض – بالضاد - لأن يسألك مغرض – بالغين والضاد - عن عنوان رسالتك، ومسألة العناوين دي سهلة خالص، خُد عندك في الأدب والنقد والبلاغة مثلا: "الأعشى – حياته وشعره"، دراسة أسلوبية، شيل الأعشى وحُط اسم أي شاعر ... أو "الخمر عند أبي نواس"، شيل الخمر وشيل الماجن ابن الكلب، وحط غيرهما، يعني الموضوع من أسهل ما يمكن.
طبعا ستسألني عن علاقة لقب الدكتور بالإبداع أو الثقافة، وهذا سؤال عبيط (وإعراب عبيط هنا نعت وليست مضافًا إليه، حتى لا تفهمني خطأ!) فالدكتوراه عِلم، ووعي، ومهابة، هو فيه حد ممكن يفهم أكتر من الدكتور؟!
وبمرور الوقت، ستصبح ناقدًا حتى لو كنت شاعرًا فقط، فكل دكتور في الأدب أو اللغة هو ناقد في الأساس، يعني هتبقى الشاعر الناقد الدكتور، أو القاص الروائي الناقد الدكتور، أو الباحث المفكر الناقد الدكتور ... يعني جاتلك ع الطبطاب يا معلّم!
ولو موضوع إنك بتحضّر ماجستير صعب عليك، خلّيه دبلومة خاصة، دبلومة دراسات عليا، المهم قدّام الناس أنك تتردد على الجامعة للدراسات العليا، ستكفي هذه لمناداتك باللقب الذي سيفتح لك مغاليق كنتَ تحسبها لن تُفتَح، لكن ماذا نقول والفتّاح العليم هو الله، وهو المسجد الشهير طبعًا!
أشرف البولاقي
إقرأ أيضاً :